عمي

تعرف اليوم الحزين من بدايته،استيقظت مبكرة لانه ليس يوم عمل،ام كان يجب ان تنقلب الجملة؟اخذت اجازة من عملي ويجب علي ان اسافر البلد لان عمي مريض لدرجة انهم ارسله للبيت كي يموت،ف لا أمل.
ركبنا المترو وكان امامي لوحه لرمبرانت،سيدة عيناها مليئة بالدموع ساندة رأسها علي الحديدة الباردة،وشعرها الاسود الفاحم لا يخفي عينها بكل دموعها،ومن السما ينزل ضوءها عليها يرتطم بحواجز المترو،وتسقط دمعة وراها اخري ،وتحمّر عينيها ولا تنطق بكلمة،تنظر للفراغ وتتنهد،تفتح شنطتها وتُخرج منديل تمسح به دموعها،فتترك وجها بهي الطلة،وكأنها ملكة اغريقية،وكأن الاغريق كان لهم ملكات بهذا الجمال.
تتأفف اختي من ركوبنا المترو فهي تٌفضل الميكروباص في السفر،وانا لا احبه،ننزل في محطة المظلات ونركب حتي عبود،يٌغالبني النوم ونحن في الطريق من عبود الي منوف،استيقظ علي اصوات غريبة،يبدو ان السائق يحب مغني مختلف عن ذوقي ولا اعرفه،لكني اشعر وكأنني في حلم.
وصلنا بلدنا وحتي بيت عمي،تغير كثيرا ليس ببعيد كان هذا البيت مبني من الطين وكان قدومي كالعيد،يأتي عمي "بالقفة"ومن كل ودن يخرج حبل وتٌعلق في منتصف البيت وتتحول لمرجيحة بسيطة،عليها مخدة واظل اتمرجح حتي تختفي الشمس،كنت احبها واشعر بها ملاذ من قبح الناس،كنت مختلفة عن اهل البلد فكانوا يُعاملوني بشكل سخيف وكنت العب بالمرجيحة اهرب من الوز الذي كان يجري علي وكنت اخاف منه،وكان عمي ملاذي يومها،كبرت وكبر هو وتغيرت الحياة وعرفت ماذا فعل وكنت اأخذ منه موقف،لكن بمجرد دخولي للبيت الجديد القديم ووجوده علي السرير ومحلول مُعلق من يده علي الحائط وهو في غيبوبة واختفي منه الانسان الذي كانه،وترك هيكل عظمي علي السرير غير واعي لوجودنا،جعلني اشعر انه لا يجب ان أحافظ علي مواقفي،المواقف تتغير وكذلك الحياة وأنا.
جلست علي كرسي بجانب سريره،وانا اشعر بمشاعر مختلطة،فعمتي احب الناس علي قلبي جائت مخصوص من امريكا في يومين لكي تكون بجانب اخوها،سلمت عليها بهدوء لاننا لسنا في محل لاظهار العواطف الجياشة وهناك مريض بجانبها،وجانبها عمتي الاخري التي تشتعل المشاكل بينها وبين اختها.
يتصارع الذباب علي وجوهنا وعلي الارض،وتدخل طاقة نور من الباب علي السرير خاصه،يترك ظل من يجلس بجانبه علي الحائط،ويجعلك للحظات اعمي اذا ما دخل شخص ما،وكانه يخرج من كوه في حائط،غير حقيقي وغير واقعي.
جلست بلا كلام تذكرت كل الاعياد التي جئناها لبيته،تذكرت كيف كان يبدو وهو الاصغر من والدي انه والده،كنت اخبر بابا كل عيد ان الزمن يحفر علي وجه عمي كل سنة خنادق اعمق.
يبدو ان الزمن انتهي منه،وشعر بالسوء تجاه نفسي،هل اعتبر نفسي شريرة؟كنت افكر طول الوقت انه ينتظر الموت،فكانت عمتو مع كل دعاء لها"زيح يارب"وتقوله بتنهيدة وصوت صادق خارج من قلبها مباشرة لنا،ان الله سيزيح بموته لانه سيُريحه.
هل من العدل ان يتعذب انسان هكذا؟وهل من العدل ان يفقد بابا اخ له بعد ان فقد اخته منذ اقل من سنة لنفس المرض.
هذه البلد التي تقتلنا.
رجعنا لبيتنا في البلد ولم استطع النوم،اشعر انني انانية وغريبة ووحيدة وحزينة.
كيف يمكنني ان انتصر في كل هذه المعارك في حياتي ؟
وما هو تعريف الانتصار لكي اصل له؟.


Comments

Popular posts from this blog

بلورة

monoprint 3

السنه الجديده