صديقي،هل تعبت مما أبثه اليك؟،هل أصابك الارهاق والاكتئاب؟،قد أُحاول المرة القادمة أن أحكي لك أشياء مُفرحة قليلا،أو أن أُخبرك شيء لطيف.
تعرف اني أُحبك،لكن ليس لدي الا ما اقوله لك،ومؤقتا سأُخبرك ما سأقوله لك ثم نتفق علي أخبار مُفرحة لاحقا.
فلنرى،أخر ما اخبرتك به ذكرى 28 يناير أليس كذلك؟،واليوم هو العاشر من فبراير،تعرف حتي كتاباتي لك تقل مع الوقت،لا أعرف كيف أُنهي حوارى الداخلي؟،ولا كيف أُشكّل الكلام لكي أنقله لك،مُهمتي ليست سهلة كما تتخيل.
في اليوم التالي أي يوم 29 يناير،قررت أن أذهب لزيارة صديقتي المُصابة من 25 يناير،أستأذنت صديق أن يأتي معي حتي بيتها،القاطن بفيصل،يبددو وكأنه في عالم أخر بالقياس بمنزلي.
أنهيت عملي،ولا أتذكر ماذا صوّرت هذا اليوم،ولن يفرق،فلم يعُد هناك ما هو مهم.
بعد العمل كانت ستذهب هبه للحضانه لاحضار ورد،وذهبت معها،انت لم تُقابل أي من رفقاء عملي،لكن هبه أحبهم لي علي الاطلاق،ولا استطيع وصفها بأني أمي،لانها اصغر من أن تكون أمي،ولكنها مزيج من الصديقه والأم والأخت،ولها بنت سمتها ورد،ورد الجميله التي بالتقريب أصبحت بنت القسم،ولولاها كما أعتقد لم لنكن نمر بأيام الفض،لم أحكي لك يا صديقي عن هذه الفترة،وحتي الأن لا استطيع،ربما يوما ما.
سرنا سويا الي الحضانة في الدقي،وكما تعلم كلما تقابل بنتان فلابد للحديث أن يكون ثالثهما،وقد كان،تحدثنا حتي بعد أن أخذنا ورد،وبينما هي تلعب وتسير أمامنا في الشارع،كُنا نتكلم،عني وعنهاوعن كل شيء.
من قال أن الحديث يُريح غالبا لم يكن يتحدث كثيرا،لأن الحديث مؤلم كما السكاكين،فهو كمفتاحلصناديق بندورا كثيرا بداخلك.
وكلما تحدثت كلما فتحت صندوق منهم ولا نهاية لهذا.
وعندما وصلنا لمديان الدقي تقابلت مع الصديق،وركبنا المترو حتي بيت صديقتي،وصلنا بيتها ودخلنا،صديقتي هذه ربما لأنها مُغرقة بتفاصيل المُعتقلين،وعندما هجمت قوات الأمن علي المظاهرة في مصطفي محمود،التي لم تستغرق أكثر من 10 دقائق،أصابتها طلقة خرطوش في بطنها،ولأنها رأت الظباط يتجهون ناحيتها،يبدو أن خوفها من الاعتقال أصابها بصدمة أدت لشلل مؤقت في رجلها،فلا تستطيع الوقوف او المشي عليها.
لم أكن حزينة عليها،فهي تحمد ربها كل يوم،وتقول هناك الكثير أسوأ مني،لكن تخيل يا صديقي،في زيارة لمريض،ويأتي أصدقائها وتعرفت عليهم،ويكون محور حديثنا عن الأصدقاء المُعتقلين،وقصص تعذيبهم في السجون،وعن هذا الصديق الذي قُتل أما أعينهم حتي أنهم اضطروا أن يحملوا جزء من مخه،تتطاير بعد ان قتلوه،يحملوه في كيس مخفي في جاكت أحدهم لكي يدفنوا صديقهم كاملا.
وبعد أن اتفقوا أن يذهبوا للمستشفي،وجدوا الشرطة العسكرية تلقي القبض علي الوالد،هذه كانت القصص التي تُتلي في زيارة مريض،هل لي أن أقول أن الذي يحكي عن صديقة المقتول،كان يتكلم ونحن نتغدي؟،كان يحكي وكأن ما يقوله مر عليه سنين وسنيين،لكنه فقط كان من 3 ايام فائتة.للحظة توقف عقلي وتسألت،الذي نعيشة أكبر منّا كثيرا،كيف لنا أن نعيش هكذا؟وما هو المستقبل كيف سيكون؟
نحن لم نحزن كما يجب علي أصدقائنا،نحن لم يتسني لنا الوقت لكي نحزن يا صديقي.
أتخيل اننا ربما بعد 5 سنوات،ستجد من يحزن علي صديق قُتل قبلها ب ثلاث سنوات،فقط لأنه لم يُتح لنا الوقت
ما زالت صديقتي لا تسير علي قدميها،مازال من في السجون يُعذبوّن وكل يوم نسمع قصص مختلفة وقاسية،لم يعد بي طاقة يا صديقي للاحتمال.
هذا العالم يبدو أقسي عليّ كل يوم،وتوقف تفكيري فيما قد استطيع أن أفعلة.
أغلقت حسابي علي الفيس بوك وتويتر،تُنهكني أفكاري،فما بالك بأفكار الآخرين،بذالت أولائك الذين ماتت منهم الانسانية أو التفهم.
صديقي،ألا تأخذني معك في الجانب الآخر من العالم؟علي أستريح وأبقي بقُربك؟

Comments

Popular posts from this blog

بلورة

monoprint 3

السنه الجديده