روض الفرج

صديقي،يتزامن ايماني بأنه لا شيء بيدي كي أفعله،وهدوئي بأني مجرد ترس صغير،لا أملك من أمر الكون الكبير شيء.
يكفيني كوني الداخلي أحاول أن أتمالكه وأُسيطر علي عواصفه وزوابعه المُتعاقبة.
يتزامن مع الضغط المُتزايد للتعامل مع الشرطة،تدور في تناتيف عقلي أسئله لا حد ولا حصر لها،من أول اذا كان هذا الذي يُحدثني بلباقة قد عذّب بيديه،حتي هل انا مُنافقة لتعاملي معهم؟.
يومي هذا كان أغلبه شًرطة،حتي تمنيت أن اسير في الشارع وأُحدث أول مدني يُقابلني،ولم أفعل.
بدأ عندما دخل محرر ما أعرفه من الحوادث،وأعرفه يا صديقي بمعني أني نزلت معه من قبل في عمل،وكان شخصيه فارغه من داخله،ينشر سرطانه علي الناس حوله،و لم يعُد بي طاقة للتعامل اللطيف مع هؤلاء البشر.
كنت أنا وزياد المُتبقين للعمل،بعد أن رحل صبري للمحكمه،و ا مجدي لمحكمه أخري.
وكان زياد قد ارتحل مع هذا المحرر للمانيا وقد ذاق ويلات جحيم الحياه علي يده،فلم أجد بُد من أن توضع رقبتي أنا علي المقصله هذه المره فداء لزياد،فأخبرته انني ذاهبه معه،جهزت الكاميرا و طاقتي المُتسامحه وأنطلقت.
كانت هناك حمله أمنيه مٌفاجئه يعلم بها الصحافه كلها ونذهب لكي نُصورها، ركبنا المترو،وبدأ المحرر يتحدث عن زياد وأنه ضايقه وفعل وفعل،كنت أُخبره ان هذا يجب عليه ان يتحدث به مع زياد وليس معي،ولكنه أبي الا ان يتكلم،وهذابالنسبه لي أقصي عذاب،أن يتحدث أمامك من لا ترغب في سماعه،بكلام لا يُهمك،وجل ما ترغب به ان تنعم بالسكون.
وصلنا لروض الفرج،وكان هناك بضع ضُباط الشرطة مُتواجدين،ينتظروا قدوم نائب وزير الداخليه لكي تبدأ الحمله الفُجائيه،ووقتها وقفنا نتحدث،المحرر وأنا مع أحدهم،فلم يبخل علينا بكلام عظيم،من أول أن مهمه الأمن يشترك بها الشعب،وأن كل من يري بلطجي أو بائع مُخالف أن يمسكه مُتبلسا ويُسلمه للشُرطة،وبالطبع سكت عن التعليق الوحيد المُناسب،كيف يُطالب الشعب بفعل مهمته،لكنه زاد عليّ،بأن لا  يوجد قطاع في مصر كلها يعمل بكفائه وهمه قطاع الداخليه،بالرغم من كم الخسائر والُعوقات التي تقف أمامه،وقتها لم تتحمل مرارتي أكثر،فانسحبت بهدوء،لكي أًصور اتوبيس جديد في الخدمة،به الواي فاي يا صديقي،تخيل بلدك،التي يتطاير من اتوبيساتها أجساد الغلابة،تذهب شركة ما وتُحدّث الاتوبيسات بخدمه الانترنت،وكأن ما نعيشه هو نتاج خيال مؤلف مسّه الجنون وكتب فيلما ما.
بعد أن صورت ونحن في انتظار اللواء،وقفت وتحدثت مع شًرطية من الشرطة النسائية،وكنت أُريد ان انتج قصه مصورة عن واحده منهم،فتكلمت معها، وظل سؤالي يدور بخيالي،هل انا مُنافقه؟،هل أفعل هذا بسبب جُبني وخوفي من أن يأتي الدور عليّ في السجن؟،فأخد احتياط قليل؟،هل يجب علي أن احكم عليها؟ بأنها فاسده وأنا لا اعرف حياتها؟،فقد تكون هي مثلي،في جريده لا تُوافق علي ما تفعله وتكتبه،ولي فكرتي المُختلفه،قد تكون مثلي،فمن أنا لأحكم عليها؟.
تدور برأسي مئات الأسئله يا صديقي،ولا أستطيع أن اكون مثاليه التفكير،وقطع تفكيري وصول سياده اللواء،وجاءت الكلاب البوليسيه،لكي تُفتش الأتوبيسات المُتوقفه في الموقف،تابعتهم،ولم يسعني الا ان أُلاحظ أني المصورة الوحيده من أي جريده،فيكفي أن المحرر لم يعرف أي تفاصيل وأن رئيس القسم هو من أخبره ان يذهب.
مشيت خطوة بخطوة مع الحمله،الكلاب في الاتوبيس،اللواء علي الأرض،تمدحه جماهير واقفه،يهتفون للسيسي بحياته، يقف مع الناس ويُحدثهم،وهنا كنت أصُور رجل ما،واتضح انه محرر بالأهرام،ولما رأني،أعطاني تليفونة كي أُصوره مع سياده اللواء،فكنت مشغوله،أريد أن أُظهر الناس،فقلت له انني صورته بالفعل،وسوف أرسل له الصور اذا اعطاني ايميله الشخصي،ظل يُطاردني وهو يقول اسمه،نظرت له بحده قائله"مستحيل هافتكر الي انت بتقوله ده،انت صحفي،اكتب ايميلك في ورقه وهاته"اختفي لدقائق لكي يأتي بورقة داس عليها قطار ما ثلاث مرات وهو ذاهب لمحافظة بعيده،وأخبرني أن القلم أنتهي عمره الافتراضي،ويجب علي أن أٌضيف حرف في أخر الكلمه،نظرت له لو كانت النظرات تقتل لكان صريعا،ولم أرد عليه.
نركب المترو،فيُزيحون الناس من طريقه،يركب العربه رجل مُسلّح برشاش كبير،يبدو مُخيف،الرجل لا الرشاش.
يسأل الناس هل من أسئله ؟،فقام أحد المواطنيين يسأله عن محطه السادات،ويُجيب اللواء بحجج واهيه"انت مش شايف الي حصل؟،والي بيحصل كل جمعه؟"،ظل صوت في رأسي يقول"أي كلام،أي كلام"،وقتها حدّتني زياد انه يجب عليّ أن أذهب مع مُحرر أخر من قسم الحوادث،لاجراء حوار مع مدير اداره المُفرقعات،في منطقه مصر القديمه،منطقة أعشقها.
فلم يكن أمامي من حل سوي أن أُسرع بانهاء التصوير في المترو،وأُعطي الكارت للمحرر،الذي لم يتواني عن ان يُكبد جهازي العصبي خسائر فادحة،فمن أن يُشير لي علي الكلب كي أصوره وانا قد أغرقته تصوير بالفعل لمده نصف ساعه ،الي ان يقف بوار اللواء وأنا اصوره ويُفسد علي صورتي،الي ان يُلقي لي بكلمات سخيفه لا معني لها ولا لون.
انهيت مُهمتي وأعطيته الكارت،وأخبرته أن حياته هي ثمن مُناسب جدا،ان فقده.
حدثت المحرر الأخر،وقال انه سينتظرني في محظه مترو مارجرجس،وكنت هناك في نفس المترو الذي استقله،وكان خارجا،فسأل شخص ما،"لو سمحت هو مجمع الاديان فين؟"،فلم أستطع الا ان أضحك،وقلت له،من الممكن أن تسألني،فأنا اعرف المنطقة جيدا،وظهر سؤال ما في ذهني،هل هذه المُعامله فقط لأني انثي؟لا قيمه لي ولا معرفه وفكر من وجهه نظرهم؟أم انه يتعمد هذا؟،طردت هذه الأسئله،وما لبثت الا ان بدأت بدوري الذي أُحبه كمُرشد سياحي،فأًشير علي المباني واحكي له قصتها،ولماذا سُمي المكان محمع الاديان،بعد أن كان يظن انه مبني ما واسمه هكذا.
وصلنا لاداره المفرقعات،والتي أتخذت لها مكان أثري رائع،بجاني جامع عمرو ابنالعاص الذي يذوب له وجداني،بمجرد رئيه مئذنته الشهيرة،الاداره توجد في منطقه سوق الفًسطاط،مبني أثري/يبدأ بعد سلمتين قصيرتين بضحن صغير به نباتات،وحوض صغير به أسماك نحتيه يخرج من فاها المُتحجر مياه،تنزل في الحوض،مكان رومانسي لا يصلُح لأن يكون مقر اداره المُفرقعات ابدا.
كان اللواء او ضابط لا اتذكر جالسا خلف مكتبه،في الظلام،يتحدث في تليفونه والاسلكي،ويفعل شيء ما في الكمبيوتر امامه،كل هذا معا،انتظرنا قليلا ثم عرّفنا عن أنفسنا،ولم يبدأ الحوار،لانه لفت نظري وجود لوحات فنيه،فكنت أُخبره اني خريجه فنون جميله وان منطقه مجمع الاديان من المنطاق المُفضله لنا،فلم يجد فرصه أفضل،لكي يُخبرني أن هذه اللوحه من انتاجه وانه حاصل علي بكاليريوس فنون تطبيقية،واني لم أتعلم شيء في الكليه،وهكذا.
بدأ الحوار،وكان المحرر ضعيفا،يسأل نفس السؤال بصيغ مختلفه،ويضع رأيه في الموضوع،حتي كاد الرجل أن يُفجّره.
تابعت الحوار صامته حتي ألمني سؤال وكان يجب أن أسأله،ولم يُمهلني،بمجرد أن سمع انني سأسأله عن الصورة الشهيره لعقيد ما يُقكك قنبله بمُعدات سمكري،الا وأطاح بي،وحدثني بمنطث  المُعلم والتلميذه ،وانني غبيه وكل هذه الامور.
وظل يُكلمني بتفاصيل تقنيه لا اعلم عنها شيء،وفتح الجهاز أمامه وأتي بالصور،لكي يُريني كم أنا غبيه وكم هم شًجعان أبطال،يتصدون للعدو،وكان يًجيب علي اسئله المحرر،أن عندنا أجهزه مُتقدمة لا تملكها أي دولة أخري،كل ما نُريده هو الزياده.
لم أتمالك أعصابي حقيقه،فأستأذنت بعد أن انتهت مهمتي،ولن يًسعفني جهازي العصبي ف يالتحمل،وخرجت مُتجهه للمترو.
وصلت الجريده،وأنا اقول جمله واحده" محرران من الحوادث في يوم واحد حرام"،وكنت علي وشك أن انتهي من انزال الصور،التي لن يحتاجها الجرنال غالبا،لان جريده اليوم السابع قد سبقتنا بالحوار قبلها بيبومين وممع محرر متمكن من أدواته.
حتي فجأني اوردر عمل مكتوب لليوم الساعه ال3 عصرا،مع الضابط المسئول عن خطه فض اعتصام رابعه العدوية،وفاجئني أكثر رد فعل صديقتي المحرره بالحوادث،البني أدمه الطبيعيه الوحيده في هذا القسم هي وخطيبها،ان جاءت الينا والدموع في عينيها مُتوترة،وظلت تسألنا عن الأسئله التي نود لو نسألها له لو كنا معها،وجاءت بالورقه والقلم وكتبت،كان الوجع يتزايد امامي في قلبي،مع تفجُر الأسئله من أصدقائي،وعلمت لحظتها ما كنت أعلمه يقينا،أن أحبهم،وأننا تجاوزنا محنّ كثيرو معا،ولو لم نكن معا لما تجاوزناها،علمت أن جمله "محدش بيعرف قيمه الي في ايده الا لما يفقده "غير حقيقه،فأنا لا أحتاج أن افقد هذا كي أعرف قيمته.
تعرفني صديقي،عندي تشتُت لا ارداي،نعود لحديثنا،قال معظمنا أسئله،وظلت هي متوترة،فسألتها،فأخبرتنا أن مديرها،وهو مدير نفس المحررين الأخرين،أخبرها انه حوار لا جدوي منه،ولن يُنشر.
ضحكت،وأخبرتها شيء واحد،هو اذن ليس بصحفي.
وتأجل الحوار،ونزلت وسط البلد،أكلت أيس كريم لأول مرة منذ زمن بعيد،تعرف لسبب ما يُذكرني بك الأيس كريم.
قابلت صديقة قديمة من أيام الكليه،وعرفت كيف تكون علاقات الحب قاسيه،وكيف أنني كل فتره اعرف يقينا اني في قوقعه خاصه بي،لا يعرفها احد.
هل تري انني مُنافقة؟،هل تري ظُلمي ظُلم؟،هل يجب عليّ أن أتحمل؟.


Comments

Popular posts from this blog

بلورة

monoprint 3

السنه الجديده