صديقي،تعرف عندما تظن أنك قوي،وعندما تعرف انك قوي.؟
هناك فرق كبير،فعندما تظن،فهناك مساحه للشك،فقد تكون ضعيف،لكن عندما تعرف،فانت قتلت المساحه مع سبق الاصرار،وانتهي الشك أو الاحتمالية.
كنت أظن أني قوية،لكن أن أعيش فتره طويلة بالعمل والتعب،والألم،وأستطيع أن اعيش،أستطيع أن أرى الجمال،وأحاول،وأجتهد،عندما عرفت يقينا. أن ادعائي القوة قد جلبها لي.
ذهبت بعد الاستفتاء للبلد،استيقظت مُبركا،وكان يبدو لجسمي أنه تعرض لعمليه تعذيب متواصله،كنت أشعر بكل عضو في مكان غير مكانه،فرجلي لا تبدو كرجل حقا.
ركبت المترو وأنا أدعو ربي أن يكون موقف عبدو كريم عليّ،وأن أجد مواصلات أدمية قليلا،وكانت السماء مفتوحة،عندما وصلت بعد أن تمشيت مسافه طويلة،وجدت سيارة تُنادي لشخص واحد ذاهب منوف،وكان حظي.
صحيح أني ركبت علي الكرسي "القلاب" الذي يبدو كحفلة تعذيب أخري،ولكني حمدت ربي.
وصلت منوف حوالي الساعه الواحده والربع بعد ثلاث ساعات،وعندما وصلت محطه القطار،ولاني لا اعرف كيف أصل لبيت عمتي الا بالقطار.
تعرف عمتو حفصه الله يرحمها،تتذكر عندما كُنا نذهب لبيته المزروع وسط الزراعات؟تتذكر كيف كنا نتسابق لنتسلق السلم ونتطلع علي العالم من فوق،وننتظر غروب الشمس وهي تغرق وسط اللون الأخضر،وحتي يتحول الأخضر الي اسود،ولا ننزل؟،لم يعد بيتها هكذا يا صديقي،ولم تعد عمتي في الحياه،وان بقيت روحها،تعرف،أوقات اتمني اني لم أرها وهي مريضه،لكي أتذكرها وهي جميلة.
تتذكر هذا البيت؟،تتذكر كيف كنا نسير من محطه القطار حتي المنزل،وكيف كُنا نتذكر العلامات حتي لا نتوه في الطريق،مازلت كما أنا صديقي،لا أعرف كيف أصل للبيت حتي وهو أصبح مُحاصر بالبيوت الحمراء الجديدة،فبالطبع تستطيع تخيل صدمتي عندما عرفت أ، اول قطار الساعه الرابعه والنصف.
معناها اني لابد أن أصل عن طريق المواصلات،وهذا مستحيل،أوقفت تاكسي وسألته "شنوان؟" قال أين؟قلت عند محطه القطار،فقال اركبي،وهاجمتني كل التخيلات السيئه،ماذا لو لم أعرف الطريق؟كيف سأصل وسط الخضره؟قد تتحول لأسود وانا فيها؟
أنقذني رن تليفوني،وكان والدي ،يخبرني انه في منزلنا في الحامول،فقوجدتها نقطه هروب،أخبرته اني سأذهب معه،وحوّلت مسار التاكسي للحامول،وجدت والدي ومنزلنا بسلام.
انت لا تعرف،لم يظل منزلنا علي نفس حاله،اختفي البلاط المُلون الذي كٌنا نحب ان نتسابق من خلاله،اختفي بيت الحمام الصغير الذي كنا نحتفل علي أنغام ضرب الحمام لجناحيه في الهواء،واختفي شعاع الشمس الذي كان يكسر سواد البيت،وكنا نلعب مع ذرات الهواء الصغيره التي تهرب من الشباك.
وتحول بيتنا لعمارة،خرسانيه صماء،تطل علي الريّاح،وما زال الناموس علي حاله.
تعرف شعور الهدوء الذي يقتح روحك عندما تدخل البيت،وتركن ساعتك علي جنب ولا تتذكرها،أكلت جبنه بطماطم،ولم أستطتع تجاهل اغراء السرير،وقلت لأبي،ساعه واحده أنام.
ولم أستغرق سوي ثانية واحده واستغرقت في نوم عميق ولم أستطتع حتي الاسيقاظ عندما مرت ساعتين.
ذهبت انا وبابا الي منزل عمتو،ومنه للفرح،تعرف عندما تشعر انه لا وجود لك الا لانك حامل للكاميرا؟،لو كنت بقيت في بيتنا ونمت ساعتين كان أفيد،ولكني أعود بالتفكير وأقول سيفرحون بالصور،ويتذكروني،علها تكون ارثي في حياتي بعد ممات.
عندما أنتهي الفرح،وعندنا لبيت عمتو،ومنه لبيتنا،نمت كأني لم أري نوم من قبل،وكان نوم مُتقطع كأنه مسّه جن.
كنت اتيقظ علي أصوات غريبة،من حلم أجري فيه وأنا أبحث عن طريق ولا أراه.
وبعد أن استيقظت كان عليّ أن ازور هبه ومحمد،تتذكر جدنا الذي تعدي الثمانين وكان يقول أنا في عز الشباب؟،كان يجب علي أن اذهب لأزورهم،ذهبت مع ماما،وحولنا ضباب يلفنّا.
أشعر بسعاده هادئه هناك،فعندما تأتي سلمي الصغيرة لكي تجلس علي رجلي،وتٌّصّر أن تلبس نضارتي،ونتضاحك حول طبليه في غرفه من الطين،تدخل الشمس خجله ألا تقطتع الضحكات من شباك يبدو حديده كسجن،علي حائط ملوّن أخضر بخضره القصب الذي أحبه.
هناك تشعر بالتفاصيل الصغيرة.
قطعها عليّ وصول ضيف،وهم يتكلمون في السياسه التي لا تهمهم قدر أهتمامهم بالغرامه التي قيل انهم سيدفعونها ان لم يذهبوا للاستفتاء،فذهبوا خوفا من الغرامة،كان الضيف مُجند في الجيش،في الاسماعليه،وهو يحكي كيف ضٌرب عليه نار،وأنا اتسائل،"ياربي لماذا لا تكون الأشياء بسيطه،فهذا اسود،وهذا ابيض،لماذا تبدو الأشياء بهذه الصعوبة،ولماذا توجعني أفكاري وأنا اٌحاربها؟"
يبدو طيب جدا،وهو يُعتبر قريبي،ماذا لو مات؟،ماذا لو قتل؟،ماذا لو أٌمر بالقتل؟
كان ميعاد رحيلنا أتي وتركت أفكاري معه،بعد ان قلت له،فقط"خد بالك من نفسك"،ورحلنا.
لكني لم أمتحل للراحه،فقد نزلت في عرض الدائري لكي أركب تاكسي،وأذهب للجريده،كان التعب بلغ مني مبلغه،فلم أستطتع أن اكون فعاله،وجلست علي كرسي وأرحت رأسي علي أخر.
وانت تعرف صديقتك،هل تكتفي بالتعب وتذهب لبيتها كي ترتاح؟،أبدا لا يحدث.
عندما عرفت من هدير أنها ذاهبه لزيارة النوبي ذهبت معها،النوبي يا صديقي،صديقنا مُصور،بعد أن قُبض عليه من الجيش وتم ضربه واحتجازة ليومين،وخرج منها سالما كما أعتقد،اُصيب في حادث سيارة وهو يرقد الأن في العنايه المركزه في غيبوبة.
كنت أزوره في المستشفي ولكن لأ اراه،كنت أفعلها لوجه الله،وأري والده واسلم عليه فقط.
اليوم دخلت له،انقبض قلبي عندما رأيته اول مره،وتخيلت للحظه اني في الغرفه الخطأ،كان يبدو كهيكل عظمي علي سرير.
يتنفس بصعوبة مع الخرطوم الخارج من فمه،وتبدو عيناه مٌغلقه ومحمره.
كنت اريد ان اتكلم وأحثه علي النهوض،وكانت هدير معي،كانت تقول له"ياله قوم بقي يانوبي،قوم واخرج معانا"كنت انظر لها كالمجنونة.
قلت له ان هناك مسابقه الا تريد ان تري اعمالك؟وان تصور معنا؟،خرجت من الغرفه وكان هناك شيء ما بقي هناك،وخرج من روحي.
تماسكت مع الدموع في عيني وضحكت لأٌخفيها،تبدو الحياه قاسيه بأقسي ما يمكن،وكأنها تتحدنا أن نعيش.
تعرف،أحيانا احسدك،رحلت عن حياتنا،وبقيت معي.
لكنك أرتحت من تحدي الحياه. فليكن نوبي في صلاتك،فأنت صلاتك مُجابه،وليكن لأجلي.
أدعي له أن يفيق لأهله وأصدقائه،أدعي ان يستيقظ ليري كم الناس الذين ينتظروه.
دمت بخير يا صديقي.

Comments

Popular posts from this blog

بلورة

monoprint 3

السنه الجديده