6 اكتوبر


"يابنتي كُنا بنركب المدرعات الاسرائيليه ونعاملهم علشان نعرف نهزمهم ازاي ؟،هو انتي فاكره ان الحرب دي كانت 10 ايام وخلاص؟،الحرب دي في ناس حاربت قبلها علشانها سنيين،ومنهم ناس عمرك ما هتسمعي اسمهم،دول مجهولين،وهيموتوا مجهولين وعارفين انهم ضحوا بحياتهم علي رضي،بس علشان مستقبل ولاده،تفضل بلده حره "
هذه الكلمات كانت لأحد أقاربي الذي حضر حرب أكتوبر وحارب فيها،كان يحكي لي دائما عما شاهده وما فعله،وعن المُغامرات،لن أنسي احساسي وأنا مراهقه وأسمع حكاويه،كانت كالأساطير ليّ.
هذه هي ذكري 6 اكتوبر بالنسبه لي.
اليوم،فرحت أنه يوم أجازه لمًعظم الشعب،هذا ليس له الا معني واحد ،مواصلات فارغه الا من بعض المواطنيين أصحاب المصالح.
طُرق غير مُزدحمه،لكنه يعني عمل فوق العادي.
توزعت المهام،وكان نصيبي مسيره مسجد المحروسه،بالمهندسين.
ولكن كله سيبدأ الساعه الواحده أو التانيه ظهرا،فوجدتها فرصه مُناسبه لأن أستغل وقتي وأذهب لأصور احتفالات 6 اكتوبر بالتحرير.
والتحرير كمكان له عندي من الذكريات مئات،و لا أعلم ما الهاتف الذي جاء لي أن أُصور هناك.
ذهبت مع روجيه ،زميلي بالجرنال،كنت عند مدخل عبد المنعم رياض،أغلق الجيش المدخل بالدبابات والأسلاك الشائكه،ووقفوا مُتحصنيين،وكأنهم مُستعدين لحرب،ووقف بعض الناس بصور للسيسي ،منهم من يهتف،ومنهم من يهتم بالتصوير.
فيًصورون أنفسهم أو أهليهم مع القوات .
صورت الحاله العامه،وكنت اريد أن أدخل،فذهيت من مدخل طلعت حرب،المكان المُحبب لقلبي جدا،الذي لم أذهب له من سنوات الا مرات قليله،ذهبت ودخلت من بوابات الكترونيه ،وتفتشت شطنتي،لاجد فور دخولي،مجموعه من قوات الأمن المركزي تتدرب علي أرض ميدان التحرير.
شعرت باللاشعور،قوات الشرطهالتي كانت تدخل وتقتحم الميدان لتقتل نبته الحريه فيه،تجري فيه الأن وترمح!؟
تحركت بداخل الميدان وكنت أشعر بالخنقه،طُلب مني أن أُصور اشخاص اكثر من مره،وهضا ليس طبيعي،ظذهبت حتي المنصه التي لم تكن بدأت العمل بعد،ولكن الناس موجوده وتهتف بحياه السيسي،وبدأتبالتفكير في الذهاب،لم اطق عمرى السُلطه،ولم أطق السيطره واحساس حساب كل نفس عليك.
ذهبت حتي مدخل قصر النيل،وصورت عمليات التفتيش،و التواجد المكثف،لم أمنع تفكيري،كل هذا ليمنعوا مصريين من القدوم؟
أين نحن من العدو اذن ؟،لكني اسكت الاصوات وتحركت حتي الاوبرا،صورت الوفود القادمه للتحرير،ولكن شيء ما جعلني لا اشعر مثل كل مره .
ولم يمهلني الوقت،كان لابد لي ان اتحرك،قابلت مسيره المحروسه عند أرض اللواء،ووجدت حشود لا استطيع رؤيه أخر لها.
وظل السؤال يُراودني،ماذا سيحدث،وتأتي صور للقوات عند مداخل التحرير،وجائتني صوره فانتازيه،أن أذهب لكل شخص يسير علي هذه الأرض،وأترجاه الا يذهب.
لكني اكتفيت بالتصوير،بمن كانوا يستفذوا المسيره ويطلع من شباكه بصوره للسيسي،ومنهم من يؤيد المسيره ويرفع شعار رابعه.
حاولت أن أطلع في مكان عال لكي أري أي أخر لهذه المسيره،وحاولت أن اتوخي الحظر مع رُكبتي المُصابه من أمس.
تسلقت علي صور قصير نسبيا،وعلي مرمي البصر كان هناك بشر.
وعندما شعرت باليأس،من أن أًصور صور جديده،أخذت القرار،يجب علي أن أسبق المسيره قبل ان تدخل مصدق وأن أصعد كوبرى الدقي،فتكون المسيره في واجهتي،وهذه صوره ممتازه.
وبدأ الجري،جري بتفادي للمُتظاهرين،وللعربات القادمه.وكاد نفسي يُقطع.
كنت أُحدث نفسي ،هناك صوره جيدهبانتظارك،لا وقت للكسل.
وعندما بدأت أصعد الكوبري ،وجدت من يًحذرني،"ارجعي ،بيضربوا نار قدام"
جمّدت قلبي،وتحصنت بالله،قرأت كل الأدعيه،وتوكلت عليه.
تونست بوجود كاميرا فيديو أخري،وقفت بجانبهم،وحاولت طمأنه قلبي بالأعداد المهوله أمامي.
بدأت المُدرعه بالظهور،وبدأت قنابل الغاز تصل حتي الكوبري،علي بُعد خطوات مني،غاب الخوف.
وبدأت عيني بالعمل،وراجعتكل قوانين السلامه،لا اقف في مكان نفسه اكثر من دقيقتين،أُصور ثم اتحرك،صورت المدرعهوالناس امامها،وصورت قدوم المسيره التي لا تعرف أخرها ماذا يحدث في أولها.
طللت أُطمئن قلبي،لن يحدث لك شيء،ربنا كاتب خير،لا تقلق.
وبدأت صوره خياليه تأتي،رصاصه حيه في رأسي وأنا أصور من علي الكوبرى،فأضحك وأُخبر نفسي،مثلما يُخبرني صديق عزيز"بطّلي دراما يا هبه" ،ولكن يبدو انها جزء أصيل في شخصيتي.
ووقتها كان الضحك رفاهيه،فقد بدأت المدرعه تصعد علي الكوبرى قادمه ناحيتنا،جريت كما لم أجري من قبل.
وكان بجانبي فتاه،تبدو مراسله لقناه ما،فكنت أخبرها ونحن نجري" بالراحه،متخافيش،مش هيحصل حاجه"،لا أعرفها،وغالبا لم أكن أُحدثها،كنت أُخبر نفسي أكثر منها.
كنت محتاجه طمأنينه لا أكثر.
توقفت المدرعه وبدأ الشباب في التقدم ناحيتها،تحصنت بوجودهم وتقدمت معهم،حاولت التصوير.
ووقتها حدثني أبي،ترردت أن اُجيب علي الهاتف ام لا؟ ،لكني حسمت أمري وجاوبته،أنا بخير وكلها دقائق و سأكون في طريق عودتي.
وكأني فتحت صندوق الدنيا،كانت مكالمه مع زميل أخر،لكي أعلم ان هناك اشتباكات في رمسيس ،وأنا لا اعلم باتقطاعي التام هذا.
ثم تليفون بصوت عال،"ارجعي يا هبه،نوهان اتصاب"،وقتها لم افكر غير في أننا كنا بجانب بعضنا البعض من دقائق فقط.
عُدت للجرنال،بصور اشتباكات بسبيطه،غالبا ستبقي في ذاكرتي،التي لا أعلم ماذا او ماذا ستتحمل المسكينه.وبدأت رحله لمُتابعه باقي الزملاء،نوهان مُصاب،وذهب له صديقنا ميموني،وهناك زياد مُحاصر في المنيل،وصبرى ضُرب في رمسيس،ورافي الذي ما زال في التحرير.
وبعد أن بدأ يبدو الوضع مُستقر نسبيا،بدأت في التفكير،كيف سأصل لبيتي العزيز؟
جائت هبه معي ومعها طفلتها الجميله ورد،ركبنا تاكسي،ونزل من كوبرى اكتوبر أمام"شعبين"فقد كانت الصوره من فوق كوبرى اكتوبر سيرياليه جدا،تبدو من الأفق رمسيس مُعبأه بغاز مسيل للدموع،وتبدو منطقه الاسعاف،مُعبأه بصور السيسي، ترجلت حتي محطه المترو،بعد يوم شاق،وأنا اسمع أغنيه تسلم الأيادي البغيضه قادمه من نقابه المحامين.
وتسائلت،أي محامي هذا الذي من المُفترض ان يُحامي عن المظلوم؟
وصلت بيتنا العزيز،ووالدي يُريد أن يعرف كل تفاصيل يومي.
تركت المياه الساخنه تغسل ولو قليلا من يوم مُتعب،ومُتقلب في المشاعر،وان لم تستطع فعلا ان تفعل هذا.
وعندما ذهبت لكي أُسكت الأصوات القادمه من معدتي.
اكتشفت ورم بلون أحمر في رُكبتي المريضه،ثم تذكرت في خضم ما كان يحدث،انيي خُبطت في رًكبتي وأنا أجري من أجل حياتي.
يبدو أن رُكبتي تشعر ببعض الاهمال.
أجلس علي سريري حاضنه اللاب توب،أكتب عليه،وأمامي تتمدد رجلي،مربوطه.
وأحمد الله.
أنام اليوم في سريري،غيري سيبات في قبره المُضاء،ومنهم من سيبات في مُعتقل.
الحمد لله.
.
غدا نوهان سيجري عمليه في رجله المُصابه،فقد كُسرت رجله من جراء قنبله الغاز،والأخرى مُعبأه بالخرطوش،شفاه الله وعفاه.
وأخر الأرقام الرسميه،أن هناك 44 روح مااتت اليوم،بينما يحفل ميدان التحرير بالقلوب في السماء،والأغاني في الأرض.
رحماك ياربي.














Comments

Popular posts from this blog

بلورة

monoprint 3

السنه الجديده