المنيا

صديقي.
بالأمس ذهبت للمنيا،أول مره أذهب لصعيد مصر،الذي سمعت وعرفت مليون مره من قبل،أنه لا سيطره للدولة عليه،وقد رأيت هذا بأم عيني.
صديقي،تعرف اني اسكن بعيد عن القاهره ما يُعادل ساعه ونصف وقتا،ولأول مره من سنين،أجد لسكني البعيد فائدة.
فنحن نقع علي الطريق السريع للصعيد،فمرت علي المحررة وركبنا معاه وتوكلنا علي الله،.
طريق طويل مُتعرج،يصعد حينا ويهبط حينا،يُحاوطتك من أغلب الجهات سيارات نقل كبيرة،وعلي البُعد تري تراب أبيض،يبدو جليا كلما أخد الطريق يتصل،فتعرف أنها للمحاجر المنتشره علي الطريق.
لا أستطيع النوم،ولا القراءه كذلك،فقط تأملت في الطريق،السُحب الجميله،والجبال المُتسعه المُترامية أمامنا،كيف تسير عربتنا بسرعه 140 كم في الساعه،حينما في القاهره احيانا تسير بسرعه 20 كم في الساعه؟.
وصلنا اخيرا للمنيا،وكانت مهمتنا،أن نبحث عن السبب الذي يجعل المنيا مُعرضه أكثر للحوادث الطائفية،كان هذا بحثنا،وخرجنا من المنيا أكثر حيره مما دخلناها.
قابلنا مينا،ناشط قبطي،أمام مديره امن المنيا،التي تبدو مُحصنة أكثر من قصر للرئاسه.
وكانت الخطه أن نذهب لقرية بني أحمد الشرقيه أولا،ثم نُتابع الطريق،ذهبنا،وأول ما طالعني كان السماء،السماء هُنا واسعة،ومُتسامحه،رحبه ومبتسمه في صفاء.
تحدثنا مع الناس الذين تبدو بساطتتهم وهدوئهم علي ملامحهم،يبيدون كأقاربي في البلد،لا تستطيع تميز من مسلم ومن مسيحي،فقط تلفت نظرك صوره ل"بابا شنوده"او السيده العذراء علي حائط ما في محل بسيط متواضع.
استأذنت لأصعد فوق مبني عال لأصور القرية بوجهه نظر مُختلفة،ومن أعلي تري،تري وتشعر وتشم.
تشم هواء نقي،من خُضره متراميه أمامك،تشعر بهدوء وسكينه،بالرغم من قسوة شمس مُتعامده علي رأسك.
يبدو من أعلي كنيسة وجامع،يبدو أنهم قريبين علي الأرض،ولكن كم يبدو بعيدين من فوق،علي ألحان كلمات تبدو طيبه،وهي حزينة.
ارتحلنا لقريه أخري،بعد أن انتهي واجبنا في بني أحمد الشرقية،وصورت البيوت المُتواضعه،وأثار حريق لاتوبيس و محال تبدو أثارها واضحه للأن،وكانت محطتتنا الثانيه،قريه الحوارته،تحول خلاف علي قطعه أرض،لحادثة ثأر مات فيها ثلاث.
محاولتك للفهم عصية،انت لست من هنا يا صديقي،كنت اقول لنفسي مرارا وانا هناك،ليس كل الناس تفهم الطابع الريفي لقريتنا،فلا تحاولي ان تفهمي ماذا يدور هنا،هنا يا صديقي مر زمن وزمن،وعقود وأزمان،تستطيع أن تري مرور الزمن،فلم أحاول ان افهم،وأطلقت العنان للكاميرا ان تُصور،وكم من المرات قيل لي "احنا فقرا"،"احنا غلابه"وكأن الفقراء لا يتصورون.
خرجت في حيره اكبر،عندما سمعت كلام الناس،وعندما رأيت الواقع.
اما محطتنا الثالثه كانت مقر جامع الرحمن،فيه شيخ من الجماعه السلفية سيتحدث معنا،ذهبنا وتحدث.
مر عليّ اليوم سريعا،فتحركتنا كانت مختلفه وبعيده الي حد ما،حاولت انتهاز الفرصه عندما توقفت السياره امام مزلقان للقطار،فصورت مرور القطار،وكيف كانت الناس تمر قب وصول القطار بدقائئق. 
وعندما بدأت رحله العوده المرهقه،طلبت مني المحرره أن اجلس امام مع السائق،لاني ابقي مستيقظه فأُنبهه.
ولكني كنت مرهقه فلم أقم بدوري جيدا.
تخيل يا صديقي في بلدك طريق يمتد لأكثر من 300 كم/ولا يوجد به عمود نور واحد.
كان الله في عون السائق فعلا،كنت كلما غالبني النوم لدقائق،أري نفسي،أتفقد سمير السائق،فأجده نائما علي عجله القيادة،والسيارة تنحرف عن الطريق.
وعندما أستيقظ فزعة وأبحث عنه،أجده مستيقظ،أعتذر له وأحاول ايقاظ نفسي بأي شكل،ثم يُغالبني النوم مره أخري،فأري فيما يري النائم،هجوم بلطجية من جانب الطريق،فكما تري،كانت خياراتي جميعا مؤلمة.
لم أستطتع النوم،ولم أستطتع اليقظة كذلك. 
صديقي،أتمني السفر من كل قلبي،أتمني أن أخذك معي،ونذهب لأقاصي البلاد،نتأمل الناس والسماء.
نأكل مما يأكلون،ونسير في شوارعهم،علها تكون بهجه للروح.


Comments

Popular posts from this blog

بلورة

monoprint 3

فينيسيا